في مثـل هذا اليـوم عام 1462 للميلاد .. فـلاد الثالـث دراكـول المخـوزِق .. أمير والاكيا ( رومانيا ) .. ينفذ هجومـاً عنيفاً على معسكر السلطان العثماني محمـد الفاتـح محاولاً اغتياله .. فيما يعرف لدى المؤرخين الغربيين بالهجـوم الليلي
( The Night Attack )
فلاد الثالث دراكول المخـوزق .. أحد عتاة مجرمين القرن 15 .. كان معاصراً للسلطان محمد الفاتـح و أميراً على على إمارة والاكيا الرومانية .. و التي كانت تابعة للدولة العثمانيـة بحكم ذاتي محلي .. اشتهر بجرائمه في الأراضي الرومانية و معاقبة خصومه بالقتل خزقاً .. و استوى في ذلك خصومه من المسلمين .. أو الساكسون و غيرهم ..
توقف فلاد عن دفـع الجزية للدولة العثمانية منذ عام 1459 ... استجابة لنداء البابا لحملة صليبية ضد المسلمين .. فقام السلطان محمد الفاتح بإرسال وفد له يطلب منه دفع الجزية بأسرع وقت .. و عندما رفض هؤلاء الرسل رفع عمائمهم بطلب من فلاد .. احتراما و توقيراً له .. قام بتثبيت العمائم على رؤوسهم بالمسامير و أمر بقتلهم ... فأرسل السلطان إلى فلاد يأمره بالقدوم إلى إسلامبول ليتفاوض معه ... و رد عليه فلاد بأنه لم يعد يملك المال الكافي لأداء الجرية .. و وعد السلطان بأنه سيدفع كل المبالغ المترتبة حين توافرها و سيقبل تعيين باشا عثماني من طرف السلطان ... و قد كان هذا الرد عبارة عن خدعة و مماطلة لكسب الوقت حيث أرسل فلاد إلى ملك المجر يعرض التحالف معه ضد الدولة العثمانية .. و هو ما علمه السلطان عن طريق جهاز مخابراته القوي العامل في البلاد الأوربية .. فأرسل السلطان عامله على مدينة نيقوبوليس مع 1000 فارس و أمره بالتفاوض مع فلاد ظاهراً .. و القبض أو القضاء عليه إن تمكن ..
و أثناء مسير الوفد في الأراضي الرومانية .. نفذ فلاد و قواته كميناً محكماً و انقضوا على العساكر العثمانية يقطعون أوصالها .. ثم أسر الأحياء و بينهم الباشا نفسه ... و قام بإعدامهم على الخوازيق ... ثم جمع قواته و تنكر بزي فارس سباهي عثماني .. و وصل لمكان تجمع القوات العثمانية متحدثاً مع الحرس بالتركية التي كان يتقنها .. ليدخل الحصن و يقتل من فيه من حامية و رجال و نساء و أطفال .. ثم قسم قواته و بدأ يعيث فساداً في أراضي بلغاريا بعد أن عبر نهر الدانوب .. و قتل خلال أيام ما يزيد عن 25 الف مسلم تركي و بلغاري .. و ذكر في مراسلاته لملك المجر أنه لم يوفر طفلاً و لا امرأة و لا شيخاً من القتل ..
عند وصول هذه الأخبار المريعة ... أمر السلطان الفاتـح بحشد جيش عظيـم بلغ تعداده 90 ألف مقاتل .. و خرج على مقدمته زاحفاً إلى والاكيا و هدفه عاصمتها و تدمير قوة فلاد نهائياً .. و استمر الجيش العثماني بالتقدم في أراضي فلاد ... و عسكر الجيش في الطريق بين نيقوبوليس و عاصمة فلاد ...
تسلل فلاد إلى المعسكر بصفة جندي عثماني لكونه يتقن التركية .. و حدد مكان خيمة السلطان .. ثم عاد و جمع قواته لينفذ هجوماً مباشراً يغتال فيه السلطان الفاتح .. و نفذ هجومه مع ساعات الفجر إلا أنه فشل في الوصول إلى السلطان و خرج من المعركة بخسائر للطرفين ... و بعد استيعاب الهجوم .. جمع السلطان جيشه و زحف إلى عاصمة فلاد ليدخلها بعد انسحاب بقايا قوات فلاد ...و يشاهد جثث الاف من المسلمين الأتراك و البلغار معلقين على الخوازيق في مشهد وحشي مريع ..
عاد بعدها السلطان الفاتح إلى عاصمته .. و تابعت الجيوش العثمانية مساندة بجيش والاكي يقوده رادو .. أخو فلاد المخوزق .. عملياتها العسكرية ضد فلاد و جيشه و الذي أنهك و شتت قواه و تمزقت بالمعارك المستمرة و المتتالية في مختلف أنحاء والاكيا .. و بعد شهور قليلة خرج يطلب من ملك المجر التحالف و المساعدة .. فقبض عليه ملك المجر و أودعه في السجن .. إذ لم يكن يرغب في خوض حرب ضد العثمانيين .. و بعد سنوات طويلة من السجن .. خرج فلاد ليعود إلى والاكيا محاولاً استعادة الحكم و مواصلة حربه التاريخية ضد الدولة العثمانية .. إلا أن جيش السلطان الفاتح تمكن من صرعه أخيراً .. و تم إحضار رأسه إلى إسلامبول و عرضه للناس .. منهياً بذلك قصة هذه الشخصية الإجرامية ... لتغدو والاكيا و مولدوفا تابعتين للدولة العثمانية ل 400 سنة تالية ..
